كتب/ عبدالله الحرازي
قبل نصف قرن من الزمان لم تكن الكرة الخليجية على خارطة الكرة العالمية حتى وهي تنظم أول دورة كروية على مستوى المنطقة بإمكاناتها المتواضعة آنذاك كأس الخليج العربي لكرة القدم "مونديال الخليج"، فقد كانت النظرة لابناء الخليج خصوصا والعرب عموما على أنهم بدو رحل يسيرون خلف إبلهم في الصحاري والقفار تغطي أجسادهم قطع مهترية من القماش، وبحارة يخوضون عباب البحر بحثا عن الرزق حينا وينتظرون مرور قوافل التجارة العالمية بمياههم أحايين أخر ليتكسبوا من ورائها الرزق، وأنهم بعيدين كل البعد عن ركب الحضارة والتقدم الذي يدعيه الغرب، وأن الثروات التي هبطت على أرضهم لن تخرجهم من دائرة التخلف والبداوة، لأنهم لايعرفون لها قيمة، دون أن يدركو أن من وصموهم بالبداوه والتخلف هم أصحاب إرادة دانت لهم الدنيا ذات حين، وانهم قادرين بارادتهم القوية التي ساعدتهم في التغلب على ظروف العيش القاهرة في الصحاري، وعلى تحدي غدر البحر وتقلباته بمراكبهم البسيطة، قاردين على صناعة تأريخ جديد في كل المجالات وخصوصا الرياضة فجعلوا من كأس الخليج بطولة ذات قيمة ومعنى بالنسبة لهم، فجرت الطاقات، لتشييد المدن الرياضية على ضفاف الخليج والجزيرة العربية باحدثالنظم والوسائل لتكون شاهدة على نهضة لم يعرف لها التأريخ مثيلا في أصقاع المعمورة،عطفا على الظروف والحال التي كانت عليه المنطقة، وأطلقت العنان للطموحات حيث تمكن أبناء المنطقة من تسيدة القارة الأكبرفي ظرف عقد من الزمان عبر الأزرق الكويتي في العام 1980 صاحب أول حضور خليجي في كأس العالم اسبانيا 1982، ومن بعده الأبيض العراقي المشارك في مونديال المكسيك 1986، والأبيض الاماراتي – إيطاليا 90 ، ثم تسلم الأخضر السعودي الراية من الجميع في مونديال أمريكا 94، فرنسا 98، كوريا واليابان 2002، المانيا 2006، روسيا 2018، ثم قطر2022 بصحبة شقيقه القطري مضيف البطولة العالمية بعد أن أخضع الأخضر الكرة الاسيوية لسلطانه عقودا من الزمان بين بطل ووصيف، وكانت أرض الخليج حاضنة للاحداث الاسيوية ولاسيما كأس الأمم التي حطت لأول مرة في الكويت، ثم الامارات، وقطروالتيمن خلالها تولد الطموح لاستضافة بطولة كأس العالم 2022 التي لم تكن حتى مجرد حلم الى ماقبل 2010 وجعلت منه قطر حقيقة اذهلت العالم قبل العرب بحسن التنظيم، وفخامة الضيافة، وروعة البرامج والعروض، وقمة الرقي في التعامل مع القادمين الى أرض الخير، وكان ذلك بعد نحو 50 سنة من إنطلاقةالخليج التي تحط اليوم رحالها في البصرة العراق بعد نحو 40 سنة من استضافة أرض الرافدين للبطولة الخامسة العام 1979.
وحينما نتحدث عن هذه التحولات الكبرى والعظيمة في مسيرة الكرة الخليجية فقد كان خلفها رجال إرتقوا بطموحات شباب بلدانهم إلى عنان السماء وآلواعلى أنفسهم العمل لجعل المستحيل ممكنا، والاحلام حقيقة، حتى جعلوا من أقطارهم ومنطقتهم
قبلة للكرة العالمية بفكرهم الخلاق، وإرادتهم القوية، وعزيمتهم الصلبة، وليس هذا بحسب فقد كانوا مساهمين في تطوير اللعبة قاريا ودوليا من خلال المناصب التي تقلدوها والمهام التي أدوها طيلة العقود الماضية كأكثر الرجال الذين أحدثوا التغيير في بلادهم وفي الساحات الإقليمية، القارية، والعالمية.
ومن الصدف وحدها أن تقام دروة كاس الخليج " مونديال الخليج " بعد أيام قلائل من إنتهاء أعظم، أجمل، وأرقي نسخة في بطولة كأس العالم على ضفاف الخليج "دوحة الخير" هذه النسخة التي لن يشهد لها التاريخ مثيلا، ومن نجاحات الدوحة في كأس العالم ستعمل البصرة التي تحاول التعافي من آثار الحروب التي مرت بها العراق على تقديم نسخة مميزة من مونديال الخليج، فالمقدمات كلها تبشر بذلك المولد، والمنتخبات قادمة وهي في قمة الجاهزية الفنية.