كتب : أحمد المقاطي
للإدارة الحديثة أساليب وأوجه متعددة، ركزت في مجملها على طرح مفاهيم متطورة للتعامل ضمن منظومة العمل الإداري. ومن هذه المفاهيم الحديثة، مفهوم التمكين " Empowerment"، وهو مفهوم بدأ طرحه منذ فترة، إذ بدأ ينتشر لتعزيز جهود الجودة الشاملة في المؤسسات.
وهذا المفهوم مشتق من كلمة power، أي القوة، وإذا ترجمناها إلى العربية، فنحن نعني التمكين، وعندما نعرف التمكين كمفهوم إداري، فغالبية التعاريف تتفق على أن التمكين يختص بمنح الموظف السلطة المتعلقة بالأعمال والموضوعات ضمن تخصصه الوظيفي، وتحريره من الضبط المحدد عن طريق التعليمات، ومنحه الحرية لتحمل مسئولية آرائه، وقراراته، وتطبيقاته.
فالتمكين منزلة اعلى من التفويض وقليل من القادة يمارسه بشكل فعال،
علما بان القائد الذي يتقن فن التمكين يحقق نتائج مضاعفة، ممايعود بالنفع العام على المنظمة ككل.
وهذه القوة تتخذ عدة أشكال على حسب التخصص الذي تطبق فيه، وفي علم الإدارة، هناك مجموعة من العناصر التي يمكن أن تعتبر جوانب قوة تمكن الموظف من أداء عمله بشكل أفضل، مثل الصلاحية، المسئولية، المعرفة، المظهر، التكنولوجيا، العلاقات، المال، وسمة الشخصية.
لكن عملية التمكين هي أبعد من عملية إعطاء الموظف الصلاحية، إذ انها تشمل دائرة أوسع تضم المعرفة والمستوى التقني والثقة بالذات، وهذه المهارات الذاتية من شأنها إذا وضعت في القالب الصحيح أن تعطي الموظف أفضل النتائج على صعيد عمله.
وكل إدارة ترغب في النجاح وتضع أمامها أهدافها المنشودة، يجب أن تنتشر هذه الأهداف بين جميع العاملين فيها، وتتجنب حصر بناء الأهداف وتحقيقها في شخص واحد، وبالتالي تستطيع الإدارة أن تصعد سلم التطور بخطوات أكبر. فقد أظهرت التجربة أن احتكار السلطة واتخاذ القرار لدى جهة واحدة ، يؤثر بشكل كبير على النتائج النهائية وعلى جودة الخدمات المقدمة.
قلنا إن أساس التمكين هو تذويب احتكار السلطة في العمل الجماعي، إلا أننا يجب أن ننوه إلى نقطة أساسية، وهي أن التمكين لا يعني التنازل عن الصلاحيات الأساسية للإدارة، إذ من المألوف أن يرى المديرون التقليديون التمكين على أنه نوع من أنواع التنازل أو التخلي عن سلطاتهم التي تخولهم بها مراكزهم.
وهذا يبدو جليا عندما يطبق التمكين، فأول تحد يواجه عملية التمكين هو فهم الإدارة لأبعاد هذه العملية، إذ يخشى المدير أن يتخلى عن بعض صلاحياته، إذ من البديهي أن يرى المشاركة على أنها تسليم قيادة الإدارة للموظفين، أو للصفوف التي هي أدنى منه.
والحقيقة أن المديرين لا يتنازلون عن مسئولياتهم باتباع مبدأ التمكين، فهم بذلك يزيدون من فرص اتخاذ قرارات أفضل، إذ إنه يفتح لهم مجالاً للقيام بمسئولياتهم بشكل اكثر فاعلية. فالتمكين يدعم موظفي الصفوف الأولى، ما يفرغ المدير لعملية التخطيط لاتخاذ القرارات الرئيسية لعملية التطوير، وعملية دعم هؤلاء العاملين على اختلاف مستوياتهم.
ومن المردودات الإيجابية للتمكين، أنه بمشاركة الجميع في عملية التطوير وخدمة الإدارة تزيد قوة الاحتمال بأن المعلومات التي يبني عليها أصحاب القرار قراراتهم هي معلومات مفهومة وصحيحة، وهذا يظهر الفرق بين القرار الجيد
والقرار المتميز، لأن وجود التمكين يوصل القرار إلى أفضل درجاته من التميز.
ونستطيع أن نستخلص من كل ما سبق إن التمكين الإداري يجب أن يكون أسلوب يمارس في الإدارات للحصول على أفضل النتائج ، ولإنجاح العمل بوسائل تكنولوجية حديثة معاصره