سأطرح هذه القصة الدرامية قبل أن أبدأ في مقالي، حيث تقول القصة، بأن هناك مجموعة من الأفراد رأوا ورم صغير في ساق احدهم،فقالوا له اذهب إلى الطبيب كي يجري لك بعض الفحوصات الطبية حتى تقف على هذا الورم وتعرف المسببات فيصرف لك العلاج المناسب.
كبرياء الرجل وجبروته جعله يتجاهل هذه الأصوات ويقلل من أهمية هذا الورم الصغير، يوم بعد آخر يكبر الورم وتزداد معه الأصوات المطالبةبالذهاب إلى الطبيب عله يجد حل قبل أن يتطور هذا الورم ويتحول إلى مرض مستعصٍ يصعب علاجه.
مرت الأيام .. فازداد الورم وتضاعف الألم، واعترف المكابر بالمشكلة وفداحتها ولكن بعد (خراب مالطا).
قرر الرجل العليل (المكابر) أن يذهب إلى الطبيب للوقف على المرض وتشخيصة، وهنا كانت الفاجعة والصدمة حين أخبره الطبيب وبعد إجراءالفحوصات بأن لديه ورم سرطاني كان بالإمكان تفاديه لو أنه استمع إلى نصائح من حوله وذهب إلى الطبيب مبكرًا، ولكن للأسف مكابرتهوعناده تسببت في وصوله إلى هذا الحال غير السار.
حاول أن يجد حلول تحول دون بتر ساقه بعد أن قرر الطبيب بتره، ولكن دون جدوى فالوقت تأخر كثيرًا ومع تأخره تزداد وتتوسع مناطقالبتر.
كان بإمكانه تفادي ذلك البتر، ولكن المكابرة والعناد وعدم الاعتراف بالمشكلة والسعي إلى ايجاد الحلول المناسبة لها تسبب في حدوثالكارثة.
سأربط هذه القصة بما حدث في اليمن سابقًا والجنوب حاليًا، فمايحدث في جنوبنا الحبيب، من سياسة الإقصاء والتهميش التي يعانيمنها أبناء المحافظات الشرقية (شبوة - حضرموت - المهرة - سقطرى) تذكرنا ببداية الوحدة وما كان يعانيه أبناء المحافظات الجنوبية منتهميش واقصاء وفصل تعسفي واحالة إلى التقاعد المبكر لمنتسبي القوات المسلحة والأمن، فالبداية وبعد أحداث 1994م (حرب المنتصر)، تمفرض واقع اجبر الناس جنوبًا على القبول به ولو كان على مضض، ولم تكن هناك أصوات مطالبة بفك الارتباط بعدما فشلت المحاولة الأولى،بل ظهرت أصوات تطالب بتصحيح مسار الوحدة واعادة أبناء الجنوب إلى وظائفهم والغاء التهميش والاقصاء الذي مورس ضدهم.
كل هذه الأصوات لم تلق آذانًا صاغية من قبل الطرف الآخر (شمالًا)، بل كابروا ولم يعترفوا بهذه المشكلة والقضية، وكلما تحدث أبناء الجنوبعن قضيتهم ردوا عليهم بالقول : (الوزير الفلاني جنوبي والمسؤول الفلاني جنوبي)، حتى تفاقمت المشكلة وارتفع سقف الطموح وتحولتالمطالب من إصلاح مسار الوحدة إلى فك الارتباط ووصلت إلى ماوصلت اليه اليوم.
فالأخوة في شمال الوطن نادمين أشد الندم على عدم الاستماع إلى أصوات أبناء الجنوب المطالبة بالإصلاح، ولكن هذا الندم أشبه بندم منقرر الأطباء بتر ساقه المصابة بالسرطان.
فما يعاينه اليوم أبناء محافظات (شبوة، حضرموت، المهرة وسقطرى) من تهميش واقصاء يجب أن يتم البحث عن حلول له من الآن قبل أنيتحول إلى سرطان يصعب ايجاد حلول له.
فالاقصاء والتهميش موجود ضد أبناء المحافظات الشرقية بجنوبنا الحبيب، عدم الاعتراف به سيؤدي إلى كارثة يصعب السيطرة عليها فيالمستقبل.
للأسف عندما نتحدث عن هذا الاقصاء والمناطقية يخرج من يخوننا ويتهمنا بضرب اللحمة الجنوبية، ويرد بالقول بأن المسؤول الفلاني منشبوة والمسؤول الفلاني من حضرموت والآخر من المهرة وسقطرى، تمامًا كما كان يردد أبناء الشمال بعد حرب 1994م.
استمرار هذا التهميش والمناطقية سيتحول إلى مشكلة قد يرتفع معها سقف المطالب والطموح، صحيح بأن هدف أبناء الجنوب واحد(الاستقلال) ولكن مع مرور الوقت واستمرار سياسة الاقتصاء والمناطقية والتهميش قد يجعل أبناء المحافظات الشرقية يبحثون عن وسيلةأخرى وهي إنشاء مجلس سياسي (حضرمي / شرقي) يوازي المجلس الانتقالي الجنوبي، ويطالب بحق أبناء هذه المحافظات، ومعه قديرتفع سقف الطموح للدعوات والمطالبة بدولة تضم الأربع محافظات السابق ذكرها (بغض النظر عن مسمى هذه الدولة).
هذا ليس تحريض ولا حلم بل سيكون واقع نعيشه في المستقبل اذا ما استمر الوضع كما هو عليه اليوم.
يجب على المجلس الانتقالي الجنوبي كونه الحامل الموثوق به لقضية شعب الجنوب والقادر بعد الله على ايصالها إلى بر الأمان، أن يسعىإلى إصلاح ما يمكن إصلاحه وقتل الفتنة في مهدها قبل أن تشب نارها ويصلي لهبها الجميع دون استثناء، وأن يفوت الفرصة علىالمتربصين بقضية شعب الجنوب حتى لا يستغلوا مثل هذه الفجوة في تحقيق مصالحهم، فسياسة الاقصاء موجودة ولا ينكرها إلا(مصلحجي) لا يحب الخير للجنوب ولا تهمة وحدة ولحمة شعب الجنوب.
نحن الآن أمام مشكلة حقيقة وواقع نعيشه سيستغله الأعداء لضرب اللحمة الجنوبية وتشتيت مطالب ابناءه إذا لم يتم تدارك الأمور من الآنوقبل فوات الأوان.
وأخشى ما أخشاه أن يندم المجلس الانتقالي على عدم سماع هذه الأصوات المطالبة بالإصلاح، ويكون ندمه أشبه بندم الأخوة في الشمال،وهي المشابهة لندم من قرر الأطباء بتر ساقه المصابة بالسرطان.