في المملكة سماسرة ينظمون عملهن بعيداً عن الكفيل ثم يعرضون الخدمات بأسعار خيالية ، وتتكرر ظاهرة هروب العاملات المنزليات في العديد من المنازل قبل وأثناء شهر رمضان سواء النظامية أو المخالفة لنظام الإقامة ، وذلك بحثاً عن راتب شهري عال مما يدفع بعض ربات البيوت بإغراء العاملة برفع راتبها الشهري بالإضافة إلى بعض المزايا مثل هدايا عينية خوفاً من غياب العاملة في رمضان حيث تزداد الولائم والمناسبات، ويزيد ضغط العمل ، وأحياناً تقوم بعض الأسر بزيادة عاملة إضافية لتخفيف العبء، لكن يظل الهروب الجماعي للعاملات مشكلة لم تجد حلاً يقضي عليها كظاهرة .
ومعه يكون الكفيل هو الضحية، الذي فقد نقوده للاستقدام ليصبح تحت رحمة سماسرة سوق سوداء تخطط وتنظم عمل العمالة المنزلية في بيوت أخرى لديها استعداد للدفع دون مناقشة بأجرة الساعة والتي تصل في وقت الذروة إلى 30 ريالا وراتب شهري للعاملة يصل إلى 3000 ريال، بالإضافة لأجرة السمسار والتي تصل إلى 300 ريال لكل عاملة منزلية يوفرها في ظل عدم وجود أنظمة تكفل حقوق الكفيل أو وجود آلية لتنظيم مكاتب الاستقدام لتعويض الكفلاء عن خسارتهم بسبب جشع مادي،
ومن المعلوم المعاملة السيئة أو زيادة العمل المنزلي في شهر رمضان ليست هي السبب في هروب الخادمات رغم أن مواقع التواصل الاجتماعي تنقل لنا من وقت لآخر قصصاً عن كفلاء تعاملوا مع عمالتهم المنزلية سواء خادمات أو سائقين برحمة نابعة من توصيات الدين الإسلامي والسبب الحقيقي لتكرار هذا الهروب هو الجشع المادي الذي يصل للعاملات عبر وسطاء أو عن طريق تجمع العاملات في بيوت العائلة فتكون بينهن من تنسق لهروب الخادمة بعد أن تكون عقدت صفقة مع منزل آخر استلمت أجرها مقدماً وهذا استغلال صريح وتكرار هذا السيناريو إلى تساهل الكثير من الأسر بإيواء الخادمة الهاربة والاستجابة لرغبة السماسرة في دفع تلك الأموال المبالغ بها، مما ساهم في تفاقم ظاهرة الهروب ورواج نشاط السماسرة في استغلال صريح لحاجة المواطن الذي يعاني من تأخر استقدام الخادمات.
ومع قرب رمضان لا يجد حلولاً أمامه إلاّ أن يطرق أبوابهم، مضيفاً أنه حتى لو كان المواطن صاحب حاجة ماسة لوجود تلك الخادمة إلاّ أنه من المهم أن يدرك أن تلك العمالة إذا لم تجد من يفتح لها هذا الباب سيصعب عليها عملية الهروب، وحتى وإن هربت ستجد نفسها في الشارع ويسهل القبض عليها، منوهاً أن التستر عليها بحجة وجود الأعباء المنزلية بشهر رمضان لن يحميه من العقوبة في حال حدثت أي مشاكل بسبب تلك الخادمة الهاربة التي يمثل وجودها قنبلة موقوتة قد يصدر منها ما لا يحمد عقباه وهدر مبالغ خيالية وتكرار هذه المشكلة في كل عام، بالإضافة إلى سهولة تحرك العاملات الهاربات من مدينة إلى أخرى مكاتب الاستقدام تخلي مسؤوليتها بعد مرور ثلاثة شهور من استقدام العاملة، وقد يكون هذا سبب في تفضيل الكثير من الأسر لإيواء العاملة الهاربة والمخالفة لنظام الإقامة للعمل في شهر رمضان وطوال العام هرباً من الوقوع في فخ الخسارة الفادحة لتكلفة الاستقدام والتي وصلت إلى مبالغ خيالية وفترة انتظار طويلة وأخيراً هروب الخادمات يتحمل المسؤولية فيها عدد من القطاعات الحكومية والأهلية، بالإضافة إلى سفارات دولتهم والمواطنين والمقيمين الذين يتاجرون بالعمالة المنزلية بعد تهريبهن من منازل كفلائهن وإغرائهن بالمال.